الجودة في المدارس مهددة بالفشل

قبل بداية العام الدراسي
خطط تطبيق الجودة مهددة بالفشل في مدارسنا
الكثافة وإهمال الجوانب العملية وضعف الإمكانيات معوقات أساسية

محمود حافظ
محمد زين الدين
منال سعيد
دعاء عمرو

تعد خطط تطبيق الجودة في المدارس المصرية أحد الاستراتيجيات الرئيسية التي تهدف وزارة التربية والتعليم إلي تطبيقها في مختلف هياكلها التعليمية بداية من المديريات بالمحافظات مرورا بالادارات وانتهاء بالمدارس إلا ان الواقع يشير إلي أن جهود الوزارة مهددة بالفشل بسبب عجز القائمين بالتعليم عن استيعاب مفاهيم واهداف الجودة وارتفاع كثافة الطلاب في الفصول وتدني الميزانيات المقررة لتطبيق جوانب الجودة الأمر الذي جعل الخبراء يحذرون من تحول خطط الجودة إلي مجرد مكافأة مالية تهدر دون فائدة وذلك قبل بداية العام الدراسي.
حذرت الدكتورة كريستين زاهر الاستاذة بكلية تربية بورسعيد من تحول مسألة تطبيق الجودة في المدارس إلي مجرد شعارات ورقية موضحة ان القائمين علي المدارس يكتفون بتطبيق الجوانب النظرية دون الشق العلمي مشيرة إلي أن المدارس اكتفت بتعليق اللافتات ووضع ديسكات الطلاب علي شكل دائري دون أن يدرك القائمين المعني الحقيقي للجودة التي تهدف إلي تخريج طلاب علي مستوي عالمي في حين ان الواقع في مصر يشير إلي أن أي طالب يخرج من مدرسة حاصلة علي جودة ويتجه للالتحاق باحدي المدارس الدولية أو الأجنبية فسوف يتم ارجاعه فصل دراسي علي الأقل لأن مستواه أقل من مستوي زملائه في المدرسة.
وأشارت كريستين إلي أنه مفترض أن يهتم القائمون بالشق العملي مع التركيز علي الجوانب التي تتوافق مع امكانياتنا المادية والمجتمعية موضحة ان الاعلان عن التركيز علي ادخال اعداد كبيرة من المدارس في منظومة الجودة في كل محافظة هو شيء مستحيل لأن امكانياتنا المادية لن تسعفنا وانه من المفترض انه لايزيد عدد الطلاب في كل فصل في المدارس الحاصلة علي الجودة علي 25 طالبا مع وجود سبورة الكترونية في الفصل اضافة إلي تطبيق الانشطة التعاونية والتربوية بدلا من الواقع الحالي الذي يوضح انشغال المدرسين بملفات الانجاز كأساس لتقييم الطلاب وكمقياس للتأكيد علي استعداد المدارس لتطبيق الجودة.
أهم المعوقات
قالت نعاس حمودة وكيل ادارة العمرانية التعليمية ان التعليم هدف قومي لأي دولة لذلك يجب بناء التلميذ من الاساس بالاضافة إلي أن هناك لا مركزية حيث اصبحت الموارد متاحة فالموارد تأتي للادارات وتقسم علي المدارس فالمدارس بها حصص لممارسة الأنشطة مشيرة إلي ضرورة المشاركة المجتمعية وتعاون منظمات المجتمع المدني في تطوير المدارس.
أوضحت ان أهم معوقات الجودة في المدارس هي الكثافات العالية في الفصول حيث يوجد 80 تلميذا في الفصل الواحد وهذه تعد كارثة حقيقية مشيرا إلي أن عدد التلاميذ يزداد يوميا ولكن عدد المدارس كما هو حتي في وجود المدارس الخاصة.
قالت ان تحقيق الجودة الحقيقية يتطلب وجود كثافات حقيقية داخل الفصول مؤكدة علي انه لا وجود للجودة في ظل الأعداد الكبيرة. أكدت ان هناك بعض المدارس التي بها تطوير ليس فقط في الشكل إنما أيضا في المناهج والكثافة فنحن نبني الفكر والعقل داخل مدارسنا فكيف يمكن ان نعطي الطلاب معلومات لا يستفيدون منها؟
طالبت بضرورة بناء واعداد المعلم وتخصيص قسم للتعليم الثانوي من أجل اعداد جيل جيد من المعلمين وضرورة وجود سنة نهائية داخل كليات التربية من أجل اعداد المعلمين وتواصلهم مع التلاميذ مشيرة إلي ضرورة الاهتمام بالاخصائي الاجتماعي الذي لا يحصل علي الكادر مع وجود خطة استراتيجية قومية للنهوض بمستوي التعليم داخل مدارسنا.
سبوبة
قال عبدالمعطي الشيخ مدرس رياضيات بمدرسة خالد بن الوليد التجريبية لغات بشرق مدينة نصر ان الجودة في المدارس هي سبوبة لا جدوي منها إذ ان الاصل في المدارس ان جميعها ذات جودة عالية وعلي المقصر ينبغي مجازاته. اضاف انه من خلال تعاملي مع فريق الجودة اتضح ان الجودة ما هي إلا عبارة عن تسديد أوراق مفبركة لا أكثر ولا أقل وخصوصا ما يتعلق فيها بمتابعة المعلم داخل الفصل حيث يتم فبركة أوراق مفادها ان المدارس علي أكمل حال ولا يتم متابعة المدرس عمليا داخل الفصل إذ لا يمكن بأي حال من الاحوال ان يقوم معلم بانتقاد زميله داخل الفصل وهذا الدور هو دور المشرف والموجه ويقل تدريجيا.
اشار إلي أن هناك بعض المدارس التي حصلت علي الجودة قامت بعمل اصلاحات جيدة في دورات المياه وفناء المدارس ومن خلال لوحات ارشادية ووسائل تعليمية من المعلمين والطلبة النشطين لاستيفاء بعض المعايير وليست كلها.
قال عادل سليمان مدرس لغة عربية ان الجودة التعليمية في مدارسنا حبر علي ورق رغم ان الجميع شعر منذ بدايتها انها ستحدث طفرة في العملية التعليمية وان شعار "نقاء" الذي تتخذه الهيئة سيتم تعميمه في المدارس.
التهيئة أولا
قال انه قبل أن نبحث عن جودة المدارس علينا تهيئة المعلمين انفسهم لاستقبال الجودة أي الارتقاء بالمعلم أولا والادارة التعليمية ثانيا وتثقيف الطلاب ثالثا ثم بعد ذلك نبحث عن تطبيق الجودة والدليل ان هناك مفاجآت مذهلة فمن الممكن ان تستعين المدرسة بدكتور من الهيئة لاعداد الملف لها لأن فريق التقويم الذاتي بالمدرسة سيكون عاجزا عن اعداد الملف بشكل صحيح مما يدفعهم إلي الاستعانة بمثل هؤلاء الاساتذة.
أشار إلي أن هناك بعض النقاط السلبية التي ظهرت وهي عدم السير علي وتيرة واحدة في استدعاء المتدربين لأداء الامتحانات والمفروض ان يتم استدعاؤهم بالترتيب فهناك من لم يتقدم للامتحان حتي الآن ومر عليه عام كامل فأين الشفافية وأين النقاء الذي هو شعار الجودة.
تساءل هل المتقدم للجودة مؤمن بها أم هي عبارة عن مصدر رزق جديد له؟ فبعد ان يتم اعتماد المراجع الخارجي نفاجأ بأن هناك مراجعا خارجيا يخرج أكثر من مرة في الشهر الواحد لاعتماد اكثر من مدرسة بمقابل 2000 جنيه في الزيارة الواحدة في الوقت الذي لا يري فيه مراجعون آخرون هذه الزيارات!!
ويساءل سيد عطية مدير مدرسة عن معني الجودة وعن الشخص الذي اخترع هذا المفهوم موضحا انه يعتقد ان خطط الجودة تحولت إلي مجرد ميزانيات ومكافآت تصرف دون عائد مضيفا انه حتي الآن لم تقدم الجودة وانشطتها أي عائد ملموس للتعليم المصري.
أشار عطية إلي أن سر تطوير المدارس المصرية لا يتوقف علي تطبيق الجودة لأنه لا يوجد عمل بدون اتقان مضيفا ان مفتاح تطوير العملية التعليمية يتلخص في تقليل الكثافة بالفصول وزيادة عدد المدارس الحكومية لاستيعاب الطلاب وذلك حتي نصل إلي 30 طالبا كحد اقصي في الفصول إلا ان الواقع يؤكد ان عدد الطلاب بالمدارس التجريبية وصل إلي 45 طالبا.
رأي آخر
في حين تري ايناس عبداللطيف مدير المدرسة السعيدية الثانوية بنات ان اعتماد أي مدرسة لا يتم إلا بعد تأكد هيئة الجودة من توافر كافة الاشتراطات اللازمة لاعتماد أي مدرسة. أشارت إلي أن هيئة الجودة قامت باعتماد المدرسة بعد عدة زيارات تأكدوا خلالها من تميز المدرسة علي مستوي العملية التعليمية ونسب النجاح وحضور الطلبات خلال الخمس سنوات الأخيرة والشهادات التي حصلت عليها المدرسة في كافة الانشطة من شهادات التقدير وجوائز أخري متنوعة ومدي ممارسة الانشطة داخل المدرسة وكذلك مدي استخدام احدث الوسائل التكنولوجية في تدريب الطلاب والمدرسين.