حفظ القرآن و الإجازة الصيفية ............

ينتظر كثيرٌ من الأسر قدوم الإجازة الصيفية لدفع أبنائها لتحصيل واستكمال ما لا يستطيعون عمله خلال فترات الدراسة، والكثير يتطلع إلى حفظ القرآن الكريم أو دفع الأبناء لاستكماله في الإجازة الصيفية، إلا أن أسبابًا كثيرةً قد تحُول بينهم وبين ما يتمنون، وربما يرون أن هذه الأمنية بعيدة المنال فيتوقف عن التفكير في الحفظ.

تعد الإجازة الصيفية فرصةً جيدةً لحفظ القرآن الكريم ولكن كيف تدفع الأسرة الأبناء نحو ذلك؟

بعد انتهاء العام الدراسي يزداد وقت الفراغ خاصةً لدى الأبناء، ومن هنا فإن الوالدَين عليهما دورٌ كبيرٌ مع مشاركة الأبناء في رسم صورة الإجازة الصيفية، وليس هناك أفضل ولا أجلُّ من الاستفادة من الإجازة الصيفية في حفظ كتاب الله، ويجب أن يقوم الآباء بترغيب الأبناء في هذا الأمر، مع الوعد بأن من يحفظ كمًّا معينًا خلال أشهر الإجازة يحصل على جائزة محببة، ويكون هذا الوعد صادقًا؛ حتى لا يشعر الأبناء بأن القرآن حِمْلٌ عليهم، وهذا أمر في غاية الأهمية، ثم بعد ذلك يتم تحديد المكان أو الشيخ الذي سيتم الحفظ على يديه، ويفضَّل أن يكون للأبناء علاقةٌ طيبةٌ به.

يختلف الناس في الحفظ طبقًا للفروق الفردية، سواءٌ في المقدرة على الحفظ والاستيعاب أو لحب القراءة والفهم وغيرها من الفروق، وإن لم يكن هناك حالةٌ مثاليةٌ واحدةٌ لكل الناس فإن هناك شروطًا مهمةً يجب مراعاتها لأي مسلم يريد أن يحفظ القرآن، وهي:

أن يتعلم التجويد أو شيئًا منه مع الحفظ، وهو لا يأخذ وقتًا، فيستطيع الإنسان أن يتقن أحكام التجويد كاملةً في وقتٍ قصيرٍ لا يتجاوز شهرين، وليس معنى ذلك أن يتوقف في حفظ القرآن حتى يتقن التجويد، ولكن يتم الأمر بالتوازي؛ لأن الحفظ بدون تجويد خطأٌ كبيرٌ، وإذا حفظ الإنسان خطأً يصعُب عليه التصحيح فيما بعد.

ثم تكون بدايته في الحفظ على يد شيخ؛ لأن ذلك يساعده على الحفظ الجيد وتصحيح الأخطاء والاستفسار عما يحتاجه الإنسان.

أن يحدد الطالب لنفسه كمًّا معينًا يحفظه في اليوم بما يتناسب معه، لا يزيد عليه ولا يُنقص منه، ومهمٌ جدًّا أن يبدأ الإنسان معتدلاً في الحفظ حتى يواصل، بدلاً من الحماسة الشديدة في البداية ثم لا يستطيع الاستمرار فييأس ويصعب أن يعود ثانيةً.

كما يجب أن يُحدد لنفسه وقتًا ثابتًا للمراجعة؛ حيث إن الحفظ بدون مراجعة يُنسى سريعًا.

الأمر يختلف من فرد لآخر، فهناك أناسٌ حفظوا القرآن كاملاً في خمسين يومًا، وآخرون حفظوه في عشر سنوات، لكن على الإنسان أن يضع لنفسه جدولاً يحدد فيه ما يحفظه في اليوم أو في الأسبوع، والشائع أن يحفظ الإنسان ربعًا في الأسبوع، وإذا استمر في ذلك فيمكنه أن يحفظ القرآن كاملاً- إذ لم يكن يحفظ أي شيء- خلال خمس سنوات، ومع ذلك فيكون مناسبًا أن يُتم المرء الحفظَ في مدةً من 2-4 سنوات.

وهناك وسائل عديدة تساعد الطالب على سرعة الحفظ منها:

- المحافظة على قراءة وردٍ ثابتٍ من القرآن يوميًا وليكن على الأقل جزءًا؛ حيث يجعل الآيات سهلةً بالنسبة للإنسان وتكرار القراءة مراتٍ متعددةً يساعد في حفظ كثير من الآيات بصورة تلقائية.

- مع القراءة فإنه لا بد من السماع للقرآن من قراءات المشايخ، وذلك عبر إذاعات القرآن .

- قراءة تفسير ولو معاني الكلمات في الآيات التي يتم حفظها حتى يفهم الإنسان ما يحفظه فيسهل عليه ما يحفظ.

- الحفظ مع مجموعة يساعد الإنسان في التنافس والاستمرار والتشجيع على الحفظ.

لا يوجد وقتٌ هو الأفضل في الحفظ على الإطلاق، ولكنَّ الوقت الأفضل للحفظ عندما يكون الذهن خاليًا ولا يعاني الإنسان من الإرهاق والتعب، ويكون بعد صلاة الفجر، وهو وقت جيد للحفظ لمن ينام بالليل، وبعد العصر أيضًا وقتٌ جيدٌ للحفظ لمن ينام القيلولة، وعلى العموم فإن من أفضل الأوقات للحفظ بعد الاستيقاظ من النوم؛ حيث يكون الذهن متفتحًا وقابلاً للحفظ بصورةٍ جيدةٍ.

وإذا كان الذي يحفظ من الأطفال يفضل له أن يبدأ الحفظ من جزء (عم)؛ وذلك حتى يسهل عليه الحفظ ويشعر بأنه يحفظ السور بسرعة، أما لو كان كبيرًا في السن فلن يختلف الأمر بالنسبة له، سواء أكان يبدأ من أول القرآن الكريم أم من آخره!!

المشكلات التي تواجه مَن يحفظ القرآن

مشكلة النسيان والتي تنتج من عدم المراجعة، وكذلك ضعف الحالة الإيمانية لدى مَن يحاول الحفظ، وهو ما سجَّله الإمام الشافعي في بيتيه المشهورين:

شكوت إلى وكيعٍ سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي

وقال لي إن العلم نورٌ ونور الله لا يُهدى لعاصي

ولكي يتغلب الطالب على هذه المشكلات فلا بد أن يحرص على المراجعة المستمرة؛ لأن الهدف من الحفظ ليس مجرد الحفظ لذاته ولكن للتعبد ولتحفيظ القرآن لغيره، وكذلك يمكن التغلب على مشكلة النسيان بالمداومة على الصلاة بما يحفظه المرء، واستغلال أوقات الفراغ .

» : كيف أغرس في قلب طفلي حب القرآن؟!!!
» مكتبة القرآن الكريم
» 20 معجزة في القرآن الكريم
» من عجائب القرآن الكريم
» تفسير ثلث القرآن الكريم