إحنا آسفين يا مصر.

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]



هل كان نجيب محفوظ عرافاً عندما تنبأ في روايته الخالدة "أمام العرش" بما يحدث في مصر الآن؟


حاكم محفوظ جمال عبد الناصر - باعتباره على رأس الثورة التي غيًرت وجه مصر حينها - قائلاً: "كان بين يديك قاعدة وفدية شعبية انهلت عليها بدبابتك، وعجزت عن إقامة بديل عنها فظلت البلاد تعاني من الفراغ، ومددت يدك إلى المنبوذين من الأمة فوقعت في تناقض مؤسف بين عمل إصلاحي يعتبر في روحه امتداداً لروح الوفد وأسلوب حكم يعتبر امتدادً لحكم الملك والأقليات، حتى قضى أسلوب الحكم على جميع النوايا الطيبة!


هل ترى فيما سبق رابطاً بين ما حدث في الماضي وما يحدث في الحاضر؟


حينما نقرأ ما سبق فنحن مدينون باعتذار لمصر: إحنا آسفين يا مصر..

ويجب على كل منا تقديم كشف حساب عن الفترة السابقة منذ قيام ثورة 25 يناير المجيدة.. فماذا سنقول وقت الحساب؟


المجلس العسكري:

إحنا آسفين يا مصر، وينطبق على أفعالنا كل ما جاء على لسان جمال عبد الناصر قائد ثورة يوليو الذي وصل إلى الحكم مؤيداً من الجماهير كما فعلنا، وعندما اطمأن الشعب حكمنا وفق أهوائنا، وضربنا بلا رقيب أو حسيب حتى ضاعت هيبتنا، واخترعنا حججاً واهية كمبررات لتخبطنا في أفعال وقرارات لم ترضِ الشعب، وغفلنا عن المخربين في حين أننا قادرون تماماً على ردعهم، وعملنا على الحفاظ على النظام القديم من خلال تغيير شكلي نضحك به على المغفلين، وأمِلنا في وراثة سلطان مصر بعد حكم جائر دام ثلاثون عاماً لم يكن لنا فيه عبرة، حتى ملً الشعب وظن بنا السوء رغم نوايانا الطيبة في الرغبة في استقرار مصر والحفاظ على أمنها.. فهل يشفع لنا ذلك؟


الحكومة:

إحنا آسفين يا مصر، لم نكن على مستوى ثقة الشعب الذي جاء بنا من قلب الميدان، أصبحنا منفذاً أخرس لسياسة عمياء، لم نراعيك يا شعب مصر ولم نمنحك أبسط حقوقك اليومية ولم ننجح في استعادة أموالك ممن سلبها ولم نأخذ حق شهدائك الذين سالت دمائهم الطاهرة على أرض الوطن. الداخلية لم تكفل الأمن وكفلت للبلطجية والخارجين عن القانون تغطية آمنة ليمارسوا جرائمهم، والإعلام مازال يضلل الشعب، والخارجية لم ترجع هيبة مصر، ولم يتحقق العدل، ولم يُرفع الظلم.


شباب الثورة:

إحنا آسفين يا مصر، صحيح أننا حققنا لكِ ثورة عظيمة ستظل خالدة أبد الدهر، ولكننا لم نتوقع أن يخذلنا من وضعنا الأمر بأيديهم، ولو كنا نعلم ما سيحدث لتمسكنا بحقنا في بنائك بأيدينا دون معاونة من أحد، ولكننا نشعر أن الشعب قد ملٌ المليونيات والصراخ ويرغب في الاستقرار بغض النظر عن مصلحة الوطن وصلاح مستقيله. فماذا نفعل؟ هل نترك البلد لمن يرغبون في مسار حتماً سيعيدنا لما كنا عليه قبل 25 يناير؟ أم نظل في جهادنا مستمرون؟ الحقيقة أننا نسينا أن مصر تحتاج إلى سواعد لتعمل وتعمر وتبني، وربما يكون العمل فرصة للم الشمل والاجتماع على هدف مشترك يعيد لنا روح الثورة العظيمة.


فلول مبارك:

إحنا آسفين يا مصر، نشرنا مخطط الفوضى في أنحاء البلاد ولعبنا بعقول الجهلة من الشعب وعملنا جاهدين على عودة النظام الذي منحنا فيما سبق القوة والسلطة والنفوذ والمال، ولم نخجل من أعمالنا القذرة في تدمير مصر لمدة ثلاثون عاماً سوداء، ومازال التدمير مستمراً.


الأحزاب والقوى السياسية:

إحنا آسفين يا مصر، كنا في الماضي أحزاباً كرتونية لا حول لها ولا قوة، وبعد الثورة لم نكن على المستوى المطلوب ولم نقم بالدور الذي من المفترض أن يكون دورنا الأساسي فغفلنا عن توعية الجماهير، ونشر روح الثورة والتخطيط لمستقبل مصر السياسي، وانشغلنا بالمنافسة على مكاسب صغيرة، ورغم أن فينا من يعمل حقاً لمصلحة البلاد إلا أن صوته غير مسموع ويحتاج مجهوداً جباراً ليصل إلى أهدافه وتنقصه ثقة الجماهير، والمثقفون الشرفاء منا متهمون في وطنيتهم!! فاعذرنا يا شعب مصر نحن نبدأ البناء من حيث دمر الآخرون.


الإخوان والسلفيون:

إحنا آسفين يا مصر، طوال الوقت ونحن نبحث عن الكعكة للحصول على الجزء الأكبر منها، ورفعنا كلمة حق يراد بها باطل وأسأنا إلى أنفسنا قبل أن نسيء إلى شعب مصر، وكفرنا هذا وساومنا على ذاك، ولم يهمنا أبدا مصلحة الوطن رغم أننا عانينا من الاضطهاد والقمع زمناُ طويلاً ولكننا لم نفهم أن الحرية فوق كل اعتبار، وظننا أننا بالضرورة نملك الحق طالما أقحمنا الدين في اللعبة السياسية.


الأقباط:

إحنا آسفين يا مصر، صحيح أننا صمتنا أزمنة عديدة، ولكننا ظننا أنه قد حان الوقت لنأخذ حقوقنا المنقوصة التي منعها عنا النظام البائد، فخرجنا لنعبر عن حريتنا ومطالبنا المشروعة، فساء الحال، وكنا وقوداً لفتنة دبرتها أيادٍ مجهولة، وأصبح الجيش في مواجهة الشعب، فمن المسئول عن المذبحة؟


شعب مصر:

إحنا آسفين يا مصر، نحن متخبطون بين جيش نكن له كل ولاء وعقدنا عليه الآمال وبين حقوقنا المنهوبة وأحلامنا في مستقبل مشرق لن يحققها إلا رحيل العسكر. غضبنا لما مس هيبة الجيش في أحداث ماسبيرو ولكننا لا نرى مستقبلاً إذا تم وأد كل مطالبة بحق أو نداء برفع ظلم. منا من يؤمن بالثورة ومنا من يرى أن مبارك هو النبي الذي قتلناه!! ولكننا شعب طيب في كل الأحوال، إذا أُعطينا أقل القليل رضينا، ولكننا لا نسكت على الظلم وجاهزون للإنتفاضة في أي وقت.


صدق نجيب محفوظ، ما بين ثورة يوليو وثورة يناير لم يتغير شيء، عسكر يحكمون بلا رؤية، وشعب متخبط، ووضع قد ينفجر في أية لحظة.. ولكن محفوظ قدم خلطة سحرية للحل غفل عنها الجميع وهي: الإيمان بالله، والحفاظ على وحدة الأرض والشعب، والعمل، والعلم، والحكمة، والإيمان بالشعب، والقوة، والعدالة الإجتماعية، وأن يكون الهدف دائماً الحضارة والسلام.


إن مصر حزينة، وإن ثورتنا العظيمة في مفترق طرق، إما إلى أمل في غد مشرق، وإما إلى مصير مظلم لا يعلم مداه إلا الله.


إحنا حقيقي آسفين يا مصر.

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]